الثلاثاء، 29 سبتمبر 2009

كونوا نحلاً .. لا ذبابــاً ...


ستر المؤمن من أفضل الأعمال التي يتقرب بها العبد إلى الله عز وجل، ولا يخلو إنسان من الوقوع في الذنب والزلل، والمسلم الحق إذا رأى زلة أو خطيئة، ألمّ بها مسلم، أو أتت بها مسلمة بادر بالستر، وحاول قدر استطاعته تقديم النصيحة، ومد يد العون والمساندة، لانتشال أهل المعصية، ومن وقعوا في الذنب، حاله كحال الطبيب مع مريضه، يعالج بعد تشخيص المرض، ثم يصف الدواء، هذه صفات النبلاء الكرام، أما إذاعة عيوب الناس، والكلام في زلاتهم، والتلذذ بذكر أخطائهم، ونشرها بين الناس، فهي أخلاق من أظلمت قلوبهم، واسودت عقولهم، وضاقت صدورهم. ويتأكد جانب الستر على ذوي الأخطاء الذين لم يُعرف عنهم المجاهرة بالمعاصي والسيئات، وكانوا من ذوي الوجاهة، أو من القدوات، لكي لا تهتز مكانتهم لدى المجتمع، وإذا كان ذلك ابتغاء وجه الله فإن المولى سيستر على صاحبه في دنياه وآخرته. والناس صنفان في تعاملهم مع بعضهم. صنف كالنحل لا يقع إلا على الأزهار، ومن بعدها يخرج لنا عسلاً مصفى، وهذه حالة من طهرت قلوبهم، فلا ينظرون إلا إلى الجوانب الحسنة في إخوانهم ولا يتحدثون إلا بما هو طيب، وأعاذنا المولى جميعاً من الصنف الآخر الذي يشبه الذباب فلا يقع إلا على النجاسات والقاذورات، ليخرج ما تستقذره العين والنفس، وهؤلاء هم الذين ينظرون إلى هفوات البشر وزلاتهم، ويذيعونها بين العالمين. وإياك أخي الحبيب، واحذري أختي الكريمة، أن تكونا من هواة الاصطياد لأخطاء القوم، فإن هذه صفات النفوس اليائسة المفلسة، وهواية تبدأ مع صاحبها رويداً رويداًً تحت ذرائع وهمية، ووساوس شيطانية، فتخدع القلوب، ومع مرور الزمن تتحول هذه العادة الذميمة داءً عضالاً، ومرضاً مزمناً يُستعصي علاجه. فتتبع عورات الناس، وتصيد أخطائهم، والترصد لهفواتهم مذموم شرعاً، مستقبح عقلاً، ومستهجن عرفاً، فللأعراض عند الله حرمتها، وللنفوس عند خالقها كرامتها، مهما فعلت في حق الله، وتعدّت حدوده.

ورحم الله ابن القيم الذي قال : (.. ومن الناس من طباعه طبع الخنزير يمر بالطيبات فلا يقف عليها... وهكذا كثير من الناس يسمع منك ويرى من المحاسن أضعاف المساوئ فلا يحفظها ولا ينقلها، ولا تناسبه، فإذا رأي سقطة أو كلمة عوراء، وجد بغيته وجعلها فاكهته ونقله).

لا تكن كالذباب يترك ما طاب ***

ويلوي على الأذى والقروح ***

وتنزه كنحلة الروض فوق الزهر ***

تبغي الرحيق فوق السفوح ...

صلاح سالـــم...

ليست هناك تعليقات: