الثلاثاء، 6 أبريل 2010

حياة ... الحلم .. الكابوس !!





الساعة السادسة صباحاً في احد مستشفيات مدينة بنغازي ،

و في الممر رجل طويل القامة يأخذ الممر ذهاباً و إيابا

و يلهج لسانه بجملتين :

اللهم يسر ولادة زوجتي

و الأخرى يارب حقيقة و ليس حلما ....

الدعاء الأول نابعٌ من إنسان انتظر مولوده الأول

لمدة عشر سنوات و هو الآن في انتظار ما كان يتمناه


و الجملة الثانية تدل على خوفه من أن يكون ذلك حلما ،،

نعم فهو كان كثير الأحلام لدرجة انه كان يسال زوجته

هل حدث ذلك الأمر في ذلك اليوم أم كنت أحلم ؟؟

و غالباً ما كانت تخبره بأنه حلم و ليس له علاقة بالحقيقة .......

و أثناء حواره مع نفسه خرجت عليه الممرضة

و وجهها يحمل علامات الأسى و الحسرة ..

نظر إليها ...

تجمد في مكانه و توقف الدم في عروقه ،

حاولت الممرضة تجاوزه و عبور الممر بسرعة

و كأنها لا تريد محادثته ،

إلا انه أوقفها و امسك ذراعها بحركة عفوية

و سائلها قائلا : هل مات حلمي ؟؟

نظرت إليه بوجه أضيف له علي ما سبق علامات الاستغراب ،،

جدد سؤاله لها ..

فأجابته ببرود أعصاب لقد رزقت مولودة و هي بصحة جيدة ،،

فصرخ قائلا : يارب حلمي تحقق

و بكى و أجهش في البكاء ،

و قال للممرضة : الله يبشرك بالخير ،

ولم يحاول سؤالها عن سبب عبوسها ،،

و دخل الغرفة و رأي مولودته في احد الحضانات

حاول لمسها حاول ضمها أو تقبيلها

ثم اهتدى بعد ذلك لتقبيل الحضانة لعلها توصل مودته إلى ابتنه المنتظرة

و بعد أيام خرج من المستشفى و عاد إلى مدينته البيضاء ،

عاد و كأنه يحمل كنوز كسرى و عنده مال قارون ،
خاطب زوجته قائلا :

من كان يعتقد بان ابنتنا حياة ستولد في بنغازي ؟؟

سماها حياة لأنها تمثل له الحياة كاملةً ....

عشاء و لمة صبايا و لمة رجاله

و أسبوع و سلسلة عشاوات

بغير مناسبة إلا أنها كانت تحت رعاية حياة الابنة المنتظرة .....

و أخذت الأيام تمر و حياة تكبر و تكبر

و الوالد في قمة فرحه ..

كان كثير الحديث عنها ،،،

حياة قالت ،،،

حياة بكت اليوم ،،،

قالت بابا ،،،

بالأمس ضحكت ،،،

إنها تزحف إنها تمشى على الحائط ،،

عندها حرارة بسبب الأسنان و لم انم منذ يومين خوفا عليها ...

إذا ابتسمت ابتسم الوالدين و إذا بكت على لبن العصفور لأحضره والدها لها ..

حياة حياتي كلمة كانت من الكلمات المعتادة لوالد حياة ،

بالإضافة إلى سؤال للزوجة كان غالبا ما يردده عليها بصوت منخفض :

هل هذا حلم أم أني رزقت بطفلة جميلة ؟؟

و كان الجواب بابتسامة من الزوجة و عبارة (إنها أجمل حلم في حياتنا )

و بعد ثلاث سنوات من حياة الوالدين

التي لا يوجد بها إلا الحديث عن حياة

و ما فعلت حياة و ما ستكون عليه حياة في المستقبل .....

و بينما الوالد غارقٌ في النوم إذا بزوجته تهزه برفق

و تناديه بصوتٍ يغلب عليه الخوف

استيقظ استيقظ ،

نهض الوالد مفزوعاً و هي تقول له :

انهض فان حياة مريضة قليلاً ،

انطلق الوالد بسرعة إلى الغرفة و رأي حياة مريضة

و هي تنظر إليه و تلهث من الحرارة .....

أسرع بها إلى المستشفى

و دخل على الطبيب الذي ما إن رأي حالة حياة حتى أطلق انذرا للطاقم الطبي للقدوم إليه

و اجتمع الأطباء حولها

هذا يقيس الحرارة

و هذا يقدم دواء و ذلك يحاول إنعاشها ...

الطبيب قائلا : يجب تحويلها إلى بنغازي بسرعة

و في لحظات انطلق الجميع إلى بنغازي .....

تحاليل و تحاليل و صور أشعة و غيرها ....

في احد زوايا المستشفى كان والد حياة يفترش الأرض و لا يشعر بنفسه ،

و بينما هو على ذلك الحال إذا بالطبيب يندفع إليه مخاطبا إياه

هل أنت والد حياة ؟؟

نعم أنا والدها ....

سأخبرك شيئاً ارجوا أن تتقبله إن ابنتك حياة تعاني من مرض الايدز ..........

هنا تبسم الأب لا بل اخذ في الضحك بصوت عال ...

و أضاف قائلا :

نعم انه حلم لقد علمت بأنه حلم فانا كثير الأحلام،

و هذا احد الأحلام المزعجة .

كيف يكون ذلك كيف تمرض أبنتي من الايدز؟؟!!

شهق الطبيب ثم قال :

إنهم أطفال أبرياء حقنوا بهذا المرض لأسباب لا نعلمها ......

بعد أيام قلائل والد حياة في المستشفى و هو يردد انه حلم سأستيقظ .....

وقف الأب و توجه إلى غرفة حياة

وجدها ممدة

و شبكة من الأسلاك تخترق جسدها الصغير

تقدم نحوها و حملها و نظر إليها قائلا :

انه حلم سأستيقظ بعد قليل .....


قالت حياة لوالدها :

بابا امبوى ( ماء) بابا نبي نلعب معاك صبايا بابا بابا بابا

و أخذت حياة تفارق الحياة و والدها يحتضنها و يغني لها :

بابا ماما من حلمي سأستيقظ ...

بابا ماما من حلمي سأستيقظ ........

و هنا دخلت الممرضة ورأت الطفلة في يد والدها

و هي لا تتنفس

انطلقت إليها و أخذتها و أخذت تقدم لها الإسعافات و لكن ....

هيهات هيهات
ثم نظرت إليه قائله :

لقد فارقت الحياة ..........


لحظات صمت ما أطولها و بكلمات قاطعها

الوالد قائلا :

انه كابوس سأستيقظ

انه كابوس سأستيقظ ،

انه كابوس سأستيقظ .

زوجي استيقظ مالك تصرخ هل عادت إليك الكوابيس ثانيةً ،،

هنا استيقظ الوالد و هو يتصبب عرقا ،

و قال :

الحمد لله انه حلم

و استدرك بعد ذلك سائلا زوجته كيف حال حياة ؟

فأجابته إنها بألف خير

فهي الآن مع الولدان المخلدون في الجنة ......


لالالالالالا انه كابوس

و لكني سأستيقظ سأستيقظ ...



و لازال والد حياة يصرخ إلى الآن مردداً إنه كابوس سأستيقظ .....


العمــــــده ...

ليست هناك تعليقات: