الثلاثاء، 25 مايو 2010

الشعله إلى أين؟ حوار مع الاستاذ الشيخ محمد الدرناوي





الشعلة إلي أين ..؟؟

باب طُرق مرات عدة ،

إلا أنه وفي كل مرةٍ لم يُسمع لصدى طرقاته صوت ..

ربما لأنه قد أُحكم إغلاقه ..

أو ربما مل آلية الفتح والإغلاق..

أو ربما هو بابٌ خجولٌ يستحي أن يُفتح ولا يقدِم لضيفه شي ..

أو ربما والله أعلم أنه أحكَم علي نفسه الإغلاق

لأسبابٍ هي له وليست لسواه ..

أو ربما لا يُفتح إلا لمن يطرقه بُغية الترحاب ولطيف السؤال ..

هكذا أصبح باب (( الشعلة )) الذي لا يُفتح إلا بُعيد الواحدة والنصف ظُهراً

مُحاطٌ بعديد الأسئلة وقد أصبح هو الأحجية واللغز ..

وهو الوريث الوحيد لبيت العز ..

الذي تركه الراحل الأستاذ عبدالرحمن الترهوني رحمة الله عليه

دون أن يورثه لأحد من بعده ..

فأصبح ذلك الباب مؤصداً علي ما فيه

إلي أن جاءه الفرج

وإلي أن سُمح لنا نحن منتدى السلفيوم بتخطي عتباته الرخامية

التي تدل علي ماضيه المشرق وحضارته المتبسمة ..

توكلنا علي من يستحق التوكل

فلا خير لنا من الله بنعم التوكل وخير حسيب

ودخلنا ثلاثتُنا نحن ناصر العوكلي وعماد النويصري والسنوسي خنفر

نخط الخطى بثباتٍ نحو ذلك الباب

ومذ دخولنا رأينا ما رأينا

ووجدنا أن المكان والزمان وكأنهما كانا في انتظارنا منذ أيام وأيام ..

علي اليسارولو أنك زائرٌ سترى حديقةٍ غناء

و ستزكم أنفك رائحة الياسمين العطرة

وستسحر لُبك الأشجار الخضراء وكأنها قد طُليت بألوان الطيف الساحرة ..














تحية الإسلام ألقيناها دون أن نعرف أن أحداً بانتظارنا ..

فردت أصواتٌ متعالية بأفضل منها ..

اقتربنا من ذلك الصوت فتبينا أنه مكتب الشؤون الإدارية بالمدرسة

تتوسطه المعلمة ((فاطمة المرابط )) مديرية الشؤون الإدارية

ويميناً المعلمة (( صبريه محمود )) الأمين المالي ..

ويساراً المعلمة (( حميدة أمتوبل )) الأمينة الإدارية ..

ومعهم المعلمــه ((رجاء عبدالله)) ...

فرِحن أيما فرح

وسُعِدن أيما إسعاد بمجيئنا

وسرعان ما بُهتنا بكرم الضيافة وحُسن المُقام ..

من ملامح الوجوه المتبسمة للمعلمات الثلاث

تبين لنا أنهن وقد عرفننا ..

سُهلَتْ المهمة لنا وأصبحت المخاوف تتلاشى

وبدأنا بالترحاب والتعارف

حتى يتسنى لنا فتح المجال لحديثً سيطول لساعاتٍ وساعات ..

نقلنا رسالتنا السامية التي من أجلها أتينا

وأننا ما أتينا إلا لأجل الشعلة ولا شي غير ذلك ..

فاستحسنت المعلمات لذلك

وأوضحن لنا أنهن لسن ضد النقد البناء الذي يخدم الصالح العام والمؤسسة ..

مما سهل ذلك أيضاً لنا أن ننقل كافة الانتقادات والتساؤلات

التي طُرحت في باب (( الشعلة إلي أين ))

في صفحات منتدى السلفيوم ..

وفي الحقيقة أن المعلمات الفُضليات لم تكن لهن نية التخلي عن الحوار

فجميعهن بدت عليهن لغة التفاهم والعقلانية الموزونة

كونهن مربيات ومعلمات في آنٍ واحد ..

وبينما نحن منهمكون في سلسلةٍ حواريةٍ مدادها التفاهم

إذ بذلك الشيخ الأستاذ يستسمحنا بالدخول وكأننا لسنا بضيوفه ..

(( الشيخ الأستاذ محمد الدرناوي )) من منا لا يعرفه ..

ومن منا لم يصطاده لُطفه ..

ومن منا ومن منا ..

فحكايته طويلة وسيرته عطرة

والصدق قد خيم في وجنتيه

والحق وقد سطع علي جبينه

وأكتمل علي لحيته ومُحياه ..











رحب بنا شيخنا وأُستاذنا أيما ترحيب

وما هي إلا دقات نبضٍ وكانت فيها الطاولة المستطيلة

قد غصت بأنواع الحلوى ومشروباتٍ من كل الصنوف








.. أكلنا ما طاب لنا وشربنا ،

بعد ذلك حمدنا الله علي نعمة التواصل ..

وقبل البدء في الكلام وقبل كل شي

أخذنا شيخنا الأستاذ في جولة تفقدية بين الممرات

التي ازدانت بجُملٍ وعباراتٍ معلقةٍ

عرفنا مسبقاً أنها من تأليفه ولضم قوافيه


















وفصول دراسية لو رجعت بأجيال إلي الوراء

لما كان فينا أُمياً ولا جاهل ..

مقاعد مريحة تتناسب ووضيعة الطالب وفي كل الظروف ..

مكيفات الهواء جعلت من الطالبات أكثر انسجاماً ومعلميهم ..






















تجولنا بعدها في أجنحة المعامل المخصصة للطالبات

فوجدناها ثلاثٌ للحاسوب






وواحدٌ للغة الانجليزية







وآخر للكيمياء والأحياء ..




















ولم تتمالكنا الدهشة مما رأيناه من تطور لافت

للنهضة التعليمية في مدينةٍ تفتقر إلي مثل هذه الفضاءات الشاسعة من الرقي ..

عُدنا أدراجنا إلي الطابق السفلي لنكتشف أن للمكان عنوان ..

حجرة فتحناها كُتب عليها الحجرة الصحية

وهي التي تُعنى بالإشراف الصحي

وفيها ما لزم من الإسعافات الأولية

وسريرٌ طبي وثلاجةٌ لحفظ الأدوية ومستحضرات العلاج الأولي ..

















وحجرة أُخرى خُصصت لجمعية الكفيف

كلفتةٍ إنسانيةٍ للمحرومين من الطلبة لنعمة البصر ..

بعد ذلك عُدنا إلي حجرة الإدارة

التي ازدانت بشهادات التكريم والكؤوس الرياضية

وبدأنا بطرح أسئلةٍ علي الأستاذ الشيخ

كانت قد أُعدت مسبقاً

وقبل دخولنا عليه ..

بدأ أُستاذنا حديثة

ببسم الله الرحمن الرحيم

والصلاة علي نبيه الكريم محمد

صلى الله عليه وسلم

وبالحمد لله أعطى أول مؤشرٍ

علي صدق نواياه

إذ قال إنني أنا محمد الدرناوي

لا زلت أعتبر نفسي ضيفاً على الشعلة

فلم أُغير فيها إلا ما وجب تغييره

وإنني لا زلت علي خطى المرحوم

عبدالرحمن الترهوني رحمة الله عليه ..

بعد ذلك سمح لنا بتوجيه أسئلتنا المباشرة

والتي جاءت في مجملها للتعريف والإيضاح فقط ..

وجاء السؤال :

{ مدرسة الشعلة قبل وبعد . ؟

فالكثيرين ممن عاصروا حقبة الراحل عبدالرحمن الترهوني

أجمعوا علي أنها كانت في أفضل حال

من حيث التراتيب الأولى والطاقم التعليمي المتميز

وحتى في أمور الشدة والصرامة فكانت الأفضل ؟
}

فرد الأستاذ محمد أن الشعلة في نظري لم تتغير

وإنما تغيرت الوجوه فللكادر الوظيفي والتسكين دور

في الخلل الذي ألم بالشعلة

فالشعلة كانت تحتضن طاقماً تعليمياً لا يُستهان به

ولكن ومنذ ذلك القرار ((أي قرار الملاك الوظيفي))


فالأحوال التعليمية تتخبط بشكل لافت

وفي جل المؤسسات التعليمية بالمدينة وليست الشعلة فقط ..

ذلك الأمر جعل من الشعلة تُعيد لملمت أوراقها

فبعد أن كان الكادر الوظيفي في المدرسة يتجاوز الثلاثمائة معلمة

أصبح اليوم لا يتعدى المائة معلمة

مما أدى ذلك إلي فُقدان التوازن

خاصةً في أمور الإشراف اليومي

الذي يساعد علي الهدوء والنظام في المؤسسات ككل ..

وفي الجزئية الأُخرى الخاصة بالانضباط والشدة مع الطالبات

أفادنا الشيخ أن الظروف قد تغيرت من حيث استجابة أولياء الأمور

لقرارات أبناءهم البنات

فالآن كلمة الطالبة هي السيف لدى أولياء الأمور

بعد أن كانت الطالبة تهاب المعلمة وتحسب حساباً للإدارة ..

وأشاد الشيخ بأسلوب العقاب

فقد يكون الحل في أحنك الظروف ولكن الآن فلسفة الطالبات

وصلت إلي حد إيقاف المعلمات عن العقاب

فكيف سيكون الرادع أمام طالبة تضع الألوان على وجهها وتلبس الزينة وتتطيب ،

ناهيك عن الآفة التي تفشت بين الطالبات تمثلت في الهواتف المحمولة

وكيف كان لها دور بارزٌ في تدني الأخلاق والقيم حتى داخل البيوت الليبية

( إلا من رحم ربي )

فنحن عانينا ولا زلنا نعاني تلك الآفة خاصةً وأن أولياء الأمور

لا يُعيرونها الاهتمام المُطلق ولا يكون التعامل معها علي

أنها ستؤدي بالطالبة إلي ما لا يُحمد عقباه

فكم من مرة قوبلنا بالتهكم من الأب أو الأم

علي أنهم يعلمون بأن بناتهم يحملن هواتف محمولة

وهذا ليس مخالِفاً للسياسة التعليمية

وذكر الشيخ أننا وضعنا حداً للعديد

من الحالات بفضل من الله وكنا نقتص من المخالفات ..

وفي حوارٍ صريح خصنا به المربي الفاضل وأُستاذنا الشيخ

جعل منا نرمي بأسئلتنا علي تلك الطاولة

ونستمتع بنكهة الحديث وأدبه خاصةً وأنه صرح بأن لا يترك صغيرةً ولا كبيرة

إلا وأفادنا بها ولخص لنا عدة نقاط هامة ومحورية جاءت تباعاً

فقال منذ اعتلائي كرسي الإدارة في هذه المؤسسة

لاحظت شيئاً مريباً ألا وهو انتقال الطالبات من الشعلة إلي المدارس الأُخرى

وعندما ازدادت مخاوفي وحيرتني شكوكي في ذلك

طلبت من أحد الأُخوة ممن تربطني بهم صداقة وطيدةٌ وكانت له ابنة منتقلة حديثاً

بتفسير ما يحدث من انتقالات مفاجأة فأثلج ذلك الرجل صدري وأراح مخاوفي

عندما قال ياشيخ نحن أُسرة بسيطة ودخلها محدود

وقد سمعنا أن الشعلة سيشملها قرار الخصخصة

أي أنها ستُصبح خاصة يدفع الطالب علي إثرها مبلغاً لا يُستهان به

حتى يتسنى له الدراسة بها مما اضطرنا ذلك لنقل طالباتنا إلي مدارس أُخرى

لا يشملها ذلك القرار بالرغم من أنها لا تقدم ما تقدمه الشعلة

من خدمات تعليمية لطالباتها ..

وأوضح الشيخ أن ذلك القرار ليس في مصلحة الطالب ولا ينصب في خانته

وأن التعليم والعِلم لم يكن يوماً للأغنياء فقط

وإن كان التعليم للأغنياء فماذا يفعل الفقراء ؟ رعاةٌ مثلاً !! ..

وقال الأستاذ محمد أن على أمانة التعليم دراسة ذلك القرار قبل تنفيذه

لأن ذلك سيجعل من المؤسسات التعليمية خاويةٌ إلا من الأغنياء ..

وقال أن حجم القرار كبير علي مقدرة العامة من الناس ..

وعندما سُئل الشيخ عن باقي المعوقات

التي تعوق المسيرة التربوية في هذه المؤسسة

ذكر أننا كنا نعاني نقصاً في مياه الشُرب

ولكن بعد وصول مياه التحلية إلي الشعلة حُلت تلك المعضلة

التي عانينا منها كثيراً ..

وأننا حالياً لا زلنا نعاني مشاكل الصرف الصحي ولم نجد إلي الآن لها حلاً ..

وفي لفتةٍ إنسانية تحدث الشيخ أنه يتوجب الآن أن نشكر الأخ أمين التعليم

علي مساعيه المحمودة لحل كافة المشاكل وأنه يقف موقف المعالج لتلك المعضلات

وكيف أنه يقوم بتصوير كافة المشكلات بكاميرا هاتفه الخاص

حتى حُلت جُل المشاكل التي كانت تواجهنا فله الشكر

وله كثير الامتنان لوقوفه المتكرر بجانبنا ..

كما أثنى الشيخ علي وقوف العديد من الجهات المسئولة بجانب الشعلة

خاصة عقِبَ وفاة الأستاذ عبدالرحمن الترهوني

حين كانت الشعلة تستنجد بمن يسوسُها

وأنها الآن ولله الحمد تقف شامختاً رغم كل الظروف التي مرت بها ..

وشكر أيضاً موجه مادة اللغة الإنجليزية الذي أتخذ من الشعلة مقراً له

حتى يتسنى له الدفع بطالبات اللغة الإنجليزية

إلي مصاف التراتيب الأُولى وعن كثب ..

ولم يتمالك الشيخ نفسه الكريمة وأحسسنا أننا أمام خطبة موعودةٌ من خطبه

واسترسل في الحديث قائلاً أننا علمنا ما دار في ردهات منتدى السلفيوم وكواليسه

التي جاءت في كثير من الأحيان قاسيةً علينا

وأننا لسنا ضد النقد وأننا في أمس الحاجة لمن يقول أنكم علي خطأ

وأشاد بالمقولة الشهيرة لأمير المؤمنين

عُمر ابن الخطاب رضي الله عنه وأرضاه الذي قال

(( رحم الله أمريءٍ أهدى ألي عيوبي ))

وأوضح مشيراً بالإحصائيات بين يديه

أن الشعلة بألف خير من حيث النظام وسير العمل

برغم ما نعانيه من نقص في الكوادر

وأن الخطأ في كل مكان

وأنه في كثير من الأحيان يجانب الصواب

فأينما وجِد النجاح وجد النقد الهدام

وأن من قال عن الشعلة أنها فاشلةٌ في إدارتها

فليأتي إلينا ولنستفد من خبراته إن كان قلبه لا زال معلقاً بها

وأن الشعلة لا تُغلق الأبواب في الوجوه

بل بالعكس فهي في أمّسْ الحاجة إلي مد يد العون

خاصةً من خريجاتها اللائي أدرن لها الظهر

بعد أن قدمت لهن الشئ الكثير

فالآن قد جاء وقت رد الجميل

وأعرب عن كامل أسفه أن يُقال عن الشعلة مثل ذلك الكلام ،

وسُقنا شيخنا الفاضل في الحديث حتى خصنا بالدعاء بصلاح حال العباد

وحملنا برسالةٍ نصية إلي كل من حط من قدر تلك المؤسسة العريقة

مفادُها أننا لا زلنا نبني ونبني رغم الصعاب


وقلة الإمكانيات في كثير من المناسبات

فماذا يفعل إيجار المقصف أمام ما تعانيه المدرسة من نقص

في الأحبار للطابعات وآلات التصوير

وغيرها من المصروفات اليومية

إلي غير ذلك من مواد التنظيف

كما وجه رسالة شكرٍ إلي جهاز حماية البيئة

الذي خصص أياماً في الأسبوع للمرور علي ساحات المدرسة

وتنظيفها بشكل يروق للمشاهد الزائر ..

وفي ختام حديثه شكر الأستاذ الشيخ منتدى السلفيوم مجدداً

لأنه خلق له مجالاً من الحديث وفضاءً من حُرية الكلمة

للدفاع عن الشعلة معللاً كلامه بأن الشعلة ستبقى مشتعلةً بحب الجميع

وختم مجدداً بأننا نُرحب بمن يطرق بابنا

فاتحين له الأذرع وفارشي له الأرض ورود وأكاليل ..

ومصادفة هي ليست إلا كذلك وجود الأستاذ رياض الأخواني

وحضوره لذلك اللقاء الشيق الممتع

وهو يحمل رسالة الماجستير بين حناياه

يجول بها ويطوف بين المؤسسات التعليمية بالمدينة

وحط الرحال في الشعلة لأنه وجدها خير

شاهد علي الحضارة التعليمية في مدينة البيضاء ..

وكما ختم الشيخ الأستاذ حديثه ختمنا نحن كذلك زيارتنا التي مرت سريعاً

ومنذ العاشرة والنصف صباحاً وحتى آذان صلاة الظهر

(( وبحي علي الفلاح )) نتمنى من الله العلي القدير

بأن نكون قد أفلحنا في بث روح المودة والألفة بين السائل والمُجيب ..

وأن الرجاء لا يخيب ..

في أن نكون يداً واحدةً تبني ولا تهدم ..

وترحب ولا تلطم ..

وأرجوا من كل من كتب تعليقاً عن الشعلة في الماضي

أن تأخذه بها عين الرأفة

فقد رأينا اليوم منها ما رأينا من سياسة نجيبة

وطُرقٍ حديثة في التعامل

وأن لا يكون النقد لمجرد فتاة قالت ..

وفتاة صالت وجالت ..

اللهم إني قد بلغت ألهم فأشهد ..

شكراً لحُسن المتابعة والقراءة ..

وعذراً عذراً للإطالة ..




ليست هناك تعليقات: